الجمعة، 6 مايو 2011

دراسة علمية مقدمة كورقة عمل خلفية للتقرير الوطني للتنمية البشرية 2003 - وزارة التخطيط والتعاون الدولي



دور وسائل الإعلام في نشر المعرفة والثقافة
 د. عبدالله علي الزلب



1.    الإعلام والثقافة والمعرفة، أية علاقة؟  
لقد انتشر تعبير "المعرفة" خلال العقدين الماضيين انتشاراً واسعاً، مع مشتقاته كاقتصاد المعرفة وإنتاج المعرفة ومجتمع المعرفة وحقوق الملكية الفكرية وغيرها. وقد ارتبط هذا الانتشار بشكل خاص مع تطور تكنولوجيا المعلومات وبعد ذلك مع التكنولوجيا الحيوية، مما أعطى انطباعاً خاطئاً بأن المعرفة اكتشاف حديث. لكن المعرفة في الواقع قديمة قدم الحضارة الإنسانية. كذلك، فإن المعرفة تشمل جميع مجالات الفكر دون استثناء. ففي تقرير التنمية الإنسانية العربية الثاني 2003، نحو إقامة مجتمع المعرفة، تم تبنى مفهوماً شاملاً للمعرفة ليعني جملة الأفكار والرؤى وطرق التفكير والأنماط السلوكية المكتسبة عبر أشكال التعلم الرسمية وغير الرسمية وكذا أشكال التثقيف الذاتي والخبرة العملية والحياتية[1].  
ورغم عدم الاتفاق التام على وضع دلالات مطلقة التحديد لمفهوم الثقافة في العصر الحاضر، فان معظم الباحثين يتفقون على إطار عام لهذا المفهوم وعلى وجود وظائف اجتماعية واقتصادية وسياسية وتربوية للثقافة، ذات علاقة بالفرد والمجتمع، كما يتفقون على توسع مفهومها، وتعدد وظائفها.. وماكان لمجمل النشاط الإنساني المتعدد الجوانب وتقاليد البشر وتجاربهم وأنماط سلوكهم وإبداعاتهم المادية والجمالية، ماكان لها أن تنتقل وتتفاعل وتنتشر وتؤثر وتتأثر، لولا وجود وسائل الإعلام والاتصال... وقد حددت وثيقة اليونيسكو( أصوات متعددة وعالم واحد ...)[2] وظائف وسائل الاتصال ومنها الوسائل الإعلامية  في تسع وظائف منها وظيفتي التربية، بنشر المعرفة لتعزيز النمو الثقافي وتكوين شخصية الفرد، والنهوض الثقافي المتعلق بنشر الأعمال الثقافية وتشجيع الإبداع الانساني... ووسائل الإعلام هي الأدوات الفعالة التي تسهم في نشر الثقافة والتجارب والسلوك والقيم وتعزيزها وترسيخها ... وقد أتاح أتساع البث الإذاعي والتلفزيوني عبر الأقمار الصناعية من تعميم الثقافة والمعرفة الإنسانية داخل المجتمعات المحلية وخارجها دون حدود مما يساعد على وصول المعرفة والإبداع الثقافي الانساني لكل فرد وبدن عناء وتكاليف ويمهد للتفاعل بين العمل الثقافي والناس ويسهم في التطور المعرفي وبناء مجتمع المعرفة....

لقد يسر انتشار وسائل الإعلام كسر الطوق الذي قيد الثقافة حقبة طويلة وقصرها على نخبة لها إمكانياتها من المال والنفوذ إلى مصادر المعرفة... ومع ذلك تظل وسائل الإعلام سلاح ذو حدين، فهي تستطيع أن تؤدي دورا كبيرا باعتبارها دافعا إيجابيا للثقافة والمعرفة، وفي نفس الوقت يمكن ان تكون وسائل تهديد خطيرة للثقافة والمعرفة الوطنية..    كما ثبت بالتجربة أن الإعلام، وسائط وخطاب، تحول في ذاته ومخرجاته إلى قيمة أخلاقية تدخل دخولاً عضوياً في نظام القيم، الأمر الذي أكسب رسائلة سلطة معرفية مؤثرة توجه وترشد، كما تفكك العقول وتعيد تركيبها في إطار لعبة لا تنتهي من صراع القوى والمصالح والنفوذ والسيطرة. وعلى هذه الدلالة كان له ذاك الجبروت في تشكيل المعرفة وتكوين الفهم الإنساني وتوجيه السلوك الاجتماعي، أو على العكس في تدمير أنظمة القيم التي كانت مادة صراع وتنازع بين المحاور والأحلاف الدولية. لقد تحول الإعلام بوسائطه المختلفة إلى مؤسسات اجتماعية وثقافية، ولم تعد مجرد ناقل للأخبار وناشر للمعلومات؛ فهي تبنى علاقة تواصلية مع أفراد المجتمع أكثر عمقا وتعقيدا من مجرد الإعلام وتعيد (إنتاج الثقافة) عبر إقامة علاقات اجتماعية مع الجمهور المتلقي؛ وذلك من خلال تعزيز الثقافة السائدة أو المهيمنة والترويج لقيم مجتمعية معينة...  بل إنها في بعض اللحظات التاريخية قد تحولت إلى قوة أيديولوجية ضارية تتولى بدورها عمليات تأثير وإقناع واسعة النطاق بعيدة كل البعد عن مصلحة الإنسان في كل مكان. والأخطر من هذا أن الإغراء الأيديولوجي للصورة بدأ يدخل عالم الحروب "ويشرعنها"، إلى درجة لا يعود معها المشاهد يهتم بما تفعله الأسلحة المدمرة بالإنسان، بل ينصب اهتمامه على البراعة الفنية التي تؤدي بها هذه الأسلحة مهماتها بنجاح. مثل هذا التوظيف الأيديولوجي للاعلام دفع بعالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو الى الاعتقاد بأن وسائل الإعلام وخاصة التلفزيون، "تخلق إدراكاً وهمياً للعالم الحقيقي"[3]، بدلاً من تقديم دائرة أوسع من المعارف ومجموعة من الآراء للاختيار فيما بينها،وأنها تتسبب في الاغتراب الثقافي والتنميط الاجتماعي عن قصد أو عن غير قصد. وتظهر الكثير من الأحداث والوقائع في أكثر من مكان في العالم أن الوظائف الاتصالية والاخبارية التي يؤديها الاعلام، وهو ما عبر عنه ريجيس دوبريه بالميديولوجيا، لا تخلو من مضامين وابعاد ايديولوجية[4].  

لقد صار كل شيء في العالم مفتوحاً على الأثير اللامتناهي، ولم يعد هناك ما يعصم الإنسان من الاستسلام لجاذبية اللغة، وسحر الصوت، ودهشة الصورة، سوى انتمائه وتحصنه بممانعة حضارية وثقافية ودينية. غير أن هذا كله يتوقف على آليات صراع شديدة التعقيد، سيكون على الأقوياء والضعفاء خوض حرب لا هوادة فيها.
وانطلاقا من كون وسائل الإعلام هي الناقل الاساسي والواسع للمعرفة والثقافة في عصرنا الراهن، فان هذه الورقة ستحاول إيضاح العلاقة ما بين وسائل الإعلام والمعرفة والثقافة والدور الذي تقوم به في تشكيل ثقافتنا... فإلى أي مدى تقوم وسائل الإعلام بدورها في نشر المعرفة والثقافة في أوساط المجتمع اليمني ؟ وما مدى فاعليتها في الوصول الى جمهور المستهدفين ؟ وماهي السمات الكبرى والرئيسة للخطاب الإعلامي اليمني إزاء المعرفة والثقافة؟ وعن أي معرفة نتحدث وأي نمط ثقافي يتم الترويج له؟

الاجابة على تلك الأسئلة تفترض أجراء مسح واسع لكل عناصر العملية الإتصالية (مرسل، قائم بالاتصال، رسالة، وسيلة، متلقي) بالإضافة إلى الظروف والعوامل المحيطة بالعملية، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.. وبالتالي فنحن بصدد مشروع بحثي كبير يتطلب جهدا علميا وبشريا يتجاوز حدود أهداف وإمكانيات الورقة التي تم تكليفنا لإنجازها خلال فترة زمنية محددة.. واعتقد أن إنجاز مثل هذا البحث يتجاوز قدرات الباحث الفرد, ويتطلب قيام فريق بحثي يجمع باحثين من تخصصات مختلفة يقومون بتحليل مضمون وتوجهات الإعلام اليمني من مواضيع الثقافة والمعرفة الواسعة جدا بهدف التعرف على مكونات الخطاب الإعلامي حولها، والمحددات السياسية والأيديولوجية والمهنية التي يخضع لها هذا الخطاب. أي ظروف إنتاج هذا الخطاب, بالإضافة إلى التعرف على مدى واقعيته وفاعليته من وجهة نظر منتجي هذا الخطاب من ناحية , وجمهور هذا الخطاب أي الذين يتلقوه من ناحية أخرى. والى أن يتم إنجاز مثل هذا المشروع البحثي من قبل الجهات المعنية والمهتمة فأن هذه الورقة يمكن ان تعتمد على ما توفر من بيانات ومعلومات وتحليلها وطرح بعض الملاحظات حول دور وسائل الإعلام في نشر المعرفة والثقافة في أوساط المجتمع اليمني...

وقبل طرح تلك الملاحظات والفرضيات يحسن بنا البدء بتأطير الموضوع نظريا في إطار علم اجتماع الاتصال بما يفيد في توجيه اختياراتنا العلمية ويضبطها منهجيا. والنظرية البنائية الوظيفية هي الإطار الأنسب لتحليل الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام، وأفضل من صاغ مرتكزات هذه النظرية هو العالم روبرت ميرتون، ومن أهم مسلماتها رؤية المجتمع باعتباره مجموعة من البنى أ و الأنساق التي تتمتع بتوازن واستقرار، وأن المجتمع ليس إلا عبارة عن أنشطة متكررة ومتماثلة كل منها يحاكي الأخر. بيد أن إضافة ميرتون للنظرية تتمثل في إبداعه لمفهوم الاختلال الوظيفي والذي يعني أن المجتمع لا يتمتع دائما بتوازن واستقرار بل أن الأنساق أو البنى يمكن أن تختل وتهتز وربما تنهار وعليه ينبغي  أخذ الحذر. هكذا يمكن أن نتساءل عن الوظائف التي تلعبها وسائل اعلام والاتصال وما إذا كان استخدامها في غير الأهداف المرجوة منها يقع في نطاق الاختلال الوظيفي؟

        ومن الناحية المنهجية ربما من الضروري دراسة العلاقة بين وسائل الإعلام ونشر الثقافة والمعرفة بوصفها علاقة تواصل تقوم الوظيفة الاتصالية فيها بدور جوهري " فجوهر العملية الاعلامية هو الاتصال وجوهر عملية الاتصال هو المشاركة فى الأفكار والمعاني والمعلومات"[5]. فالاتصال هو العملية التى يتفاعل بمقتضاها متلقي ومرسل الرسالة في مضامين اجتماعية معينة أو معني أو واقع... ويكمن في هذا التعريف لاصطلاح الاتصال عدد من الافتراضات ، فمكونات الاتصال تتفاعل بشكل ديناميكي وهي ليست ثابتة بل ان الاتصال يتغير على نحو يدعو لدراسة جوانبه بصورة منفصلة لكل مكون لأن التغيرات التى تطرأ على جانب واحد من جوانب عملية الاتصال قد تؤدي الى حدوث تعديلات على الجوانب الأخرى ، كما ان الظروف أو الإطار الذي يتم فيه الاتصال هو أيضا أحد المتغيرات التى تؤثر فى عملية الاتصال . يعتبر نموذج (لا سويل ) نموذجا مناسبا لدراسة الدور التي تقوم به وسائل الاعلام في اليمن في نشر الثقافة والمعرفة في إطار عملية الاتصال، وتتكون عناصر نموذج لاسويل من : القائم على الاتصال الرسالة الوسيلة المتلقى التأثير الظروف التى ترسل الرسالة فى ظلها.


2.   السياسات الإعلامية:
السياسة الاعلامية هي: "مجموعة المبادئ والمعايير التي تحكم نشاط الدولة تجاه عملية اتنظيم وادارة ورقابة وتقييم وموائمة نظم واشكال الاعلام المختلفة ، على الاخص منها وسائل الاعلام الجماهيري"[6].. وليس بالضرورة ان تكون السياسة الاعلامية معلنة او مكتوبة في وثيقة، ولكن عدم وجود هذه الوثيقة يضفي على العمل الإعلامي الكثير من الغموض ويفتح المجال للكثير من الأجتهادات الفردية والتدخلات غير المهنية...
وفي دراستنا للسياسة أو السياسات الاعلامية سنعتمد، في الأساس، على تحليل النص المكتوب المنشور من قبل وزارة الاعلام عام 1995م[7]، والوثائق الأخرى المكملة، مع طرح بعض النماذج من الممارسات الاعلامية العملية كلما كان ذلك ممكنا وبما يسهم في إثراء الموضوع...  وسنحاول تلمس إجابة لسؤال أساسي وهو إلى مدى تتلائم السياسة الإعلامية، نصا وممارسة، مع التطورات التكنولوجية والاقتصادية والسياسة في البلاد والعالم من جهة ومع ضرورات تنمية قدرات الإعلام وتطوير أداء وسائل الإعلام اليمنية من جهة أخرى بحيث تصبح "جامعات مفتوحة للثقافة والمعرفة...)[8].
في الواقع المعاش والممارسة اليومية يلاحظ وجود اكثر من سياسة اعلامية احدها المصاغة في الوثيقة الرسمية، ولا تلتزم بها جميع المؤسسات الإعلامية حتى الحكومية منها.. وكل وسيلة ومؤسسة إعلامية تتبع إما سياستها الاعلامية الخاصة بها المرتبطة بطبيعة المؤسسة التي تصدرها، (حكومية/غير حكومية ، متخصصة او عامة، ربحية/ غير ربحية..الخ)، ومهامها مثل القضائية الصادرة عن وزارة العدل وغيرها، أو تعمل في إطار سياسات وغايات فردية مختلفة..
أما وثيقة السياسة الإعلامية  المنشورة فهي تنطلق من أربعة أسس ومصادر: الشريعة، الوحدة الوطنية ، اهداف ومبادئ الثورة، الدستور[9]... ورغم العقد الاجتماعي حول ما يعرف بالثوابت المذكورة آنفا إلا ان صياغة الوثيقة تمت من قبل مجموعة الأفراد في الجهة المختصة ولم تستند على الحقائق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية المعاشة في البلاد. ويشير مضمون الوثيقة، في صورته العامة، الى سيادة السياسي على كل من الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والآني على البعد الاستراتيجي.
ونجد في الوثيقة، في إطار ما يسمى باستراتيجيات العمل الإعلامي، أحد البنود التي تتحدث عن موضوع نشر المعرفة والثقافة يحث وسائل الإعلام على ضرورة "خلق الانسجام الكامل بين تدفق المعرفة المتنوعة وكفالة الحصول على المعلومات والتحليلات والتوجهات وبين متطلبات تجويد العمل الوطني والانساني والابداعي داخل المجتمع اليمني..."[10]. وفي بند آخر، "الحرص على تدفق المعلومات وتقديمها اولا فالاول في كافة الوسائل الإعلامية إشباعا لحاجة المواطن... وإيلاء العناية الخاصة بالمعلومات التي تهم الوطن والمواطن وسياساته وقضاياه..."[11]. وتتبنى السياسة الإعلامية (نظريا) مبدأ الانفتاح على الآخر والتشجيع على الاندماج في التحولات العالمية "لصالح حقوق الانسان والحرية والديمقراطية والامن والسلام(...) وتوسيع علاقات التعاون والتكامل بين كافة الشعوب والأمم والحضارات..."[12]، وفي هذه النصوص توجه توفيقي شديد العمومية بين متطلبات إشباع احتياجات الجمهور من المعرفة وضمان حرية تدفق المعلومات وكفالة الحق في الاتصال وبين حماية الثقافة الوطنية وإعطاء الأولوية للمعرفة والقضايا الوطنية... الأمر الذي قد لا يمكن تحقيقه في الكثير من الحالات والمناسبات في الممارسة العملية. ومثل هذه الصياغات تتضمن  الكثير من المعاني وتفتح الباب للعديد من التأويلات والتفسيرات والاجتهادات، الأمر الذي يفقدها معناه – كسياسة- ويؤدي أحيانا الى التناقض في أهدافها ومنطلقاتها، ففي الوقت الذي يؤكد النص على حق الاتصال لكل المواطنين وضمان حرية التعبير والانفتاح على الثقافات الأخرى، يشير الى ان من اهداف وسائل الاعلام التصدي للإفكار المنحرفة والمتخلفة والمعادية لعقيدة الشعب الاسلامية وللوحدة الوطنية والحرية والديمقراطية دون تحديد دقيق وواضح لأي من هذه الافكار. وتنظر الوثيقة إلى الثقافة، التي يجب ان تسعى الوسائل الإعلامية إلى نشرها، من منظار ضيق يختزلها في النشاط الأدبي والفني والمأثورات الشعبية والسياحة الثقافية..
وإجمالا فإن وثيقة السياسة الإعلامية التي صدرت إبان حرب الإنفصال تضمنت الكثير من التفاصيل الآنية المتعلقة بآثار الحرب والمخاوف المترتبة عنها. ويمكن تلخيص السمات العامة لما يمكن اعتباره مجازا سياسة إعلامية في اليمن فيما يلي:
1.  تتسم بالتناقض بين النصوص المكتوبة والخطاب الرسمي وبين الممارسة الإعلامية اليومية، ونجد ذلك في ممارسات كل من مؤسسات السلطة والمؤسسات السياسية الأخرى المعارضة او المستقلة. فالسلطة تستمد شرعية هيمنتها على وسائل الإعلام، وعلى وجه الخصوص، المرئية والمسموعة من خلال التوظيف "النبيل" للإعلام والذي عادة ما يكون من اجل التنمية والمصلحة الوطنية. ولكن الخطر في الأمر هو ان يكون توظيف تلك الوسائل في خدمة التنمية مبررا لكبت حرية التعبير والحد من حق المواطن "المحتاج إلى توعية وتوجيه في ما يجب وما لا يجب ان يعرف" – في الاتصال وهو حق أبرزته الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية والدستور اليمني.. والمعادلة هنا صعبة بين الحق في الاتصال ومتطلبات التنمية وما يسمى بالمصالح الوطنية او الثوابت .. فالسياسات على المستوى النظري القانوني المكتوب تؤكد حق المواطن في الاتصال وتكفل حرية التعبير في إطار التعددية السياسية والفكرية ولكن في الواقع المعاش والممارسة اليومية هناك محاذير كثيرة وتجاوزات في ممارسة ذلك الحق تقوم بها الجهات المختصة ومن أهمها عدم منح أي جهة اوشخص الحق في الإعلام المرئي والمسموع... فالعبرة هنا ليست بالتشريعات والقواعد القانونية في كل الاحوال ولكن العبرة بالممارسات الفعلية التي تعكس روح التشريعات لصالح النظام الاعلامي ذاته...  
2.  انها لم تدمج على نحو ملائم في سياسات التنمية ولم تحتل الاولوية المناسبة، رغم الوعي بأهمية الاعلام من اجل التنمية. وتظهر هذه الحقيقة بوضوح في مظاهرعدة أولها ضعف الاستثمار في قطاع الاعلام، هناك فقط ( 15 ) صحيفة مستقلة أما باقي الصحف غير الحكومية فهي حزبية او تمول من قبل الأحزاب او تتبع مؤسسات او منظمات مهنية او نقابية. وحجم اصدار أكبر الصحف المستقلة انتشارا ورواجا مثل "الأيام"  اليومية لا يتجاوز ( 7 ألاف نسخة)، كما هو موضح في الجدول رقم ( 5  ) أدناه.. كما لا توجد مؤسسة إنتاج سمعي – بصري واحدة في طول البلاد وعرضها... وفي مجال تنمية الموارد البشرية الإعلامية لا توجد مؤسسة تاهيل وتدريب واحدة تتبع القطاع الخاص.. وانحصر الاستثمار في الاعلام في مجال تقديم الوساطة الاعلامية (مكاتب الخدمات الاعلانية ). اما الاستثمار الحكومي فهو متركز في توسيع البنى والمرافق الاساسية والتجهيزات دون الاهتمام بتطوير قطاعات الانتاج للمواد الاعلامية والمضامين التي تشبع الاحتياجات الاعلامية للجمهور وتستجيب لمتطلبات التنمية والتطوير...
3.  تتسم بندرة المشاركة المجتمعية والمؤسسية للقطاعات الاخرى في صياغتها، فهي معزولة عن السياسات الثقافية والتعليمية بشكل خاص...
4.  تسعى السياسية الاعلامية، مكتوبة كانت او ممارسة، الى تعزيز القيم الثقافية والاجتماعية السائدة، ونادرا ما لوحظ في الأعوام الثلاثة الماضية الاخيرة سعيا حقيقيا او مجرد محاولة لتغيير النظام القيمي السائد بمحاسنة وعيوبه، او تعديل بعض نواحيه، وهو ما يبرز في قلة الاهتمام بالمضمون الاعلامي والاخفاق في تغيير بعض انماط السلوك الاجتماعي والثقافي السائد، ولنا في موضوع الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة نموذجا بارزا... فرغم الجهود المضنية للتأثير على السكان لخفض نسبة الخصوبة المرتفعة والتخلي عن بعض العادات الاجتماعية ذات العلاقة بالصحة الانجابية الا نسبة الخصوبة ظلت كما هي(3.7%) منذ اكثر من عقد من الزمان، ويرجع ذلك إلى ضعف مستوى الرسائل الإعلامية السكانية من الناحية المهنية وفشلها في التأثير على الجمهور لتغيير مواقفه وسلوكه السكاني...
5.  عدم قدرة المؤسسات الإعلامية على تحويل السياسة الاعلامية الى خطط عمل طويلة المدى ومتوسطة المدى، حيث لا تتوفر لدى أغلب وسائل الإعلام اي خطط عمل اوبرامج تعمل لتنفيذها ويترك الأمر في كثير من الأحيان للعمل الآني ولقرار اللحظة الأخيرة وفقا لاتجاهات الوضع السياسي والثقافي في البلاد وظروف المؤسسسة نفسها...
6.  رغم ان البحث الإعلامي المنهجي من شأنه تقديم معونه حقيقية لصناع القرار الاعلامي وراسمي السياسات فإن المؤسسات الإعلامية لم تهتم بالدراسات المتخصصة والبحوث الإعلامية العلمية الجادة واكتفت بعضها، ومنها مؤسسة الإذاعة والتلفزيون ووكالة سبأ للأنباء، في الواقع العملي باجراء دراسات موسمية ذات طابع دعائي لتلميع صورتها وتحقيق نجاحات وهمية... علما بأنه لا توجد في اليمن مجلة واحدة متخصصة في مجال المعرفة الاتصالية والإعلامية... وهي مشكلة على درجة كبيرة من الخطورة لانها تعني ان ما يتم انتاجه وبثة لا يلبي الاحتياج الحقيقي للمجتمع ولا ياخذ بعين الاعتبار التحولات والمتغيرات المستجدة في البلاد والعالم....
7.  تهمل السياسة الاعلامية في مستوى الممارسة مسالة تنمية الموارد البشرية وجعلها رهانا أساسيا في عملية تنمية وتطوير قطاع الإعلام وضمان لتحقيق أهدافه وبلوغ غايته الوطنية المختلفة..
8.  تهتم السياسات الإعلامية، في مستوى الممارسة،  بالمرسل اكثر من متلقي الرسالة الإعلامية، وبتدفق المعلومات أكثر من الاهتمام بصدى هذا التدفق وتأثيره وأبعاده ، فهي ممارسة اتصالية أحادية الاتجاه من المرسل إلى المتلقي فقط، الأمر الذي يخل بالعملية الاتصالية ويحد من أي تأثير وفاعلية حقيقية للرسائل الإعلامية بشكل عام وخاصة فيما يتعلق بتلك المعنية بإحداث تغيير في المعارف السائدة أو في السلوك او التوجهات لدى الجمهور المتلقي... فالاهتمام بالريف مثلا لايكون إلا كمنتج زراعي فقط بدون اعتبار أوضاعة الاجتماعية وثقافته وتراثه الفكري والتقني[13].
9.  تتجه السياسات الإعلامية، على مستوى النص والممارسة، إلى الداخل وتهتم بالاعلام الداخلي وتهمل أو تتحاشى التعاطي مع الخارج والاهتمام الاعلام الخارجي بشكل واضح في الكثير من المناسبات والاحداث والشواهد[14].
خلاصة، تحتاج اليمن إلى إعادة النظر في السياسات الإعلامية المختلفة والمجتزأة التي تعتمد على الآني والفردي وتتجاهل المتغيرات المحلية والعالمية في مجالات المعرفة والثقافة وتكنولوجيا الاتصال الحديثة، وذلك بطرح مثل تلك السياسات الإعلامية لنقاش وطني عام من قبل مختلف الأطراف والتيارات الفكرية والسياسية وصياغتها من قبل خبراء متخصصين في الإعلام وعلم الاجتماعي وغيرهم، والأخذ بعين الاعتبار واقع التنمية الإنسانية في المجتمع اليمني ورصد الموارد المالية الكافية لتحقيق أهدافها المعرفية والثقافية المحددة.

3. وسائل الإعلام: وساطة اتصالية ام وساطة ثقافية ومعرفية؟
يتسم المجتمع اليمني بتدني الخدمات الإعلامية التقليدية المتاحة للسكان، فهناك انخفاض في نسبة وسائط الإعلام من صحف وأجهزة الراديو والتلفزيون والفيديو لكل ألف نسمة من السكان. مقارنة بالمتوسط السائد في البلدان العربية وفي المتوسط العالمي للدول متوسطة الدخل. وهذه المسألة تشمل معظم الدول العربية وليست ظاهرة يمنية خاصة، فرغم توسع انتشار القنوات الفضائية في البلدان العربية، فإن نسبة وسائل الإعلام لعدد السكان هي الأدنى على المستوى العالمي، بالإضافة إلى أن أكثر من 70% من قنوات التلفزة العربية مملوكة للدولة. وفي اليمن هناك قناة تلفزيونية فضائية واحدة، وأخرى محلية، بالمقارنة مع (120) قناة فضائية تتوزع على إحدى وعشرين دولة بمتوسط (6) قنوات لكل بلد عربي، مما يجعل تقديم ونشر الخدمة المعرفية والتثقيفية، إجمالا، مقتصرا على عدد محدود من الوسائل وخاصة السمعية البصرية والتي تحتكرها الدولة، وهو ما قد يتدخل ايضا في نوعية المعرفة التي يتم بثها وفي استقلاليتها وموضوعيتها، وهذا لا يساعد على فهم الأحداث أو توسيع المدارك والوعي لدى المتلقي. ولذلك، يرى تقرير التنمية الإنسانية العربي أن الغالبية العظمى من وسائل الإعلام العربية لا رسالة لها، في ظل التحديات التي تطرحها العولمة والتبادل الحر للمعارف[15].
وتعمل معظم وسائل الإعلام في ظروف مادية وإدارية ومهنية صعبة للغاية وتتعرض للعديد من المعوقات بدءا من المنافسة الشديدة وغير العادلة من وسائل الإعلام العربية خاصة في مجال الإعلام المرئي والمسموع، وتأثيرها القوى على الجمهور المستهدف الى جانب ضعف القدرات المهنية للعاملين فيها وتدنيها في كثير من المؤسسات بسبب ضعف مستوى التأهيل وإهمال التدريب المستمر....

الموارد البشرية في قطاع الإعلام:
تعد مؤسسة الإذاعة والتلفزيون من أكبر المؤسسات الإعلامية من حيث الموارد البشرية (2672) حسب ما يوضحه الجدول أدناه، منهم فقط  (552) إمرأة، معظمهن يعملن في الوظائف ذات الطابع الإداري (سكرتارية ومنظفات). ففي دراسة تطبيقية حول النوع الاجتماعي لأربع مؤسسات إعلامية[16]، يلاحظ أن نسبة العاملات في الاختصاصات المالية والإدارية المختلفة تتجاوز (56.7%) من إجمالي 67 إمرأة شملتهن العينة كما هو موضح في الجدول أدناه.
جدول : توزيع الموظفات حسب اختصاصهن الوظيفية[17]
الاختصاص
العدد
النسبة
مالية إدارية
38
56.7
إعلامية صحفية
17
25.4
إعلامية تقنية
11
16.4
دون إجابة
1
1.5
المجموع
67
100
كما تعاني الكثير من المؤسسات الإعلامية من ضعف قدرات العاملين فيها من تقنيين وإعلاميين في ظل قلة خريجي الإعلامي وعدم الاستفادة منهم جميعا حيث لم يتجاوز عدد  الخريجين في تخصص الإعلام خلال العامين 2001 – 2002م (257)،  173 في العام 2001م و 120 في العام 2002م ، ولم تتجاوز نسبة النساء ال (8%) تقرييا[18]. هذا في الوقت الذي لم يتجاوز عدد المبعوثين للدراسات العليا في مجال الإعلام للعام 2002م(3 ماجستير)[19] . كما أن الإهتمام بتنمية قدرات الإعلاميين المهنية والإبداعية لا يزال دون مستوى المهام والأدوار التي يقومون بها، فلا يوجد سوى معهد واحد للتدريب الإعلامي في اليمن، لا يلبي الحد الأدني من متطلبات التدريب والتأهيل واحتياجات المؤسسات الإعلامية حيث ينظم في المتوسط 20 دورة سنويا يستفيد منها عدد محدود لا يتجاوز ( 450 شخص) من كافة المؤسسات الإعلامية الحكومية وغير الحكومية والعاملين في قطاع التنمية [20]  ...
المخصصات المالية لوسائل الإعلام بدورها متواضعة ولا تذكر مقارنة بما يتم صرفة للمؤسسات الصحفية في الدول العربية او ما يتم تخصيصه لمؤسسات الدولة وغيرها، حيث تتراوح ميزانية ميزانية انتاج البرامج التلفزيونية للقناة الفضائية شهريا بين 15 مليون و 25 مليون ريال، بمتوسط سنوي لا يتجاوز 180 مليون ريال ( ما يقارب مليون دولار) في الوقت الذي تتجاوز ميزانية التلفزيون التونسي الـ( 11 مليون دولار)...  وفي ضعف الموارد البشرية وضئالة المخصصات المادية من غير المتوقع ان يكون أداء وسائل الإعلام إجمالا متميزا ونوعيا خاصة فيما يتعلق بإنتاج المعرفة والعمل الإعلامي الثقافي والذي يتسم مثل غيرها من البلدان العربية بالتبعثر، ويتعرض للاستغلال السياسي والتهميش.  
أولا : الصحافة المكتوبة :
يمكن القول أن عقد التسعينات هو عقد إزدهار الصحافة اليمنية بدون أدنى شك ، حيث شهدت الصحافة تطورا غير مسبوق في جميع النواحي الفنية والمهنية بالإضافة إلى النواحي الكمية والحريات الصحفية. ويرجع الفضل في ذلك إلى حدث الوحدة التاريخي بين شطري اليمن شمالا وجنوبا عام1990م الذي غير الكثير من المشاهد ومنها المشهد الإعلامي والصحفي ، حيث تزامن هذا الحدث مع إقرار التعددية السياسية في البلاد وازدهار الحريات ومنها حرية الصحافة ، الأمر الذي شجع على ظهور عدد كبير من الصحف الأهلية والحزبية خلال أشهر معدودة ، ووصل عددها خلال الستة الأشهر الأولى إلى إثني عشرة صحيفة. واستمر ظهور الصحف الجديدة حتى تجاوز عددها عام 1992م ال131 صحيفة ومجلة دورية، إلا أن الكثير منها لم تستمر في الصدور وسرعان ما ختفت مثلما ظهرت. ويرجع ذلك إلى أسباب عديدة اهمها مالية ومهنية بالإضافة إلى عوامل سياسية مرتبطة بحرب الإنفصال عام 1994م وتراجع التنافس الإعلامي المحموم بين الحزبين الحاكمين قبل الحرب، المؤتمر الشعبي العام والحزب الإشتراكي اليمني، وقد تراجع عدد الصحف الصادرة خلال السنوات الأخيرة إلى أن وصل عام 2002م إلى حوالي 90 صحيفة ومجلة دورية  مسجلة رسميا في الداوائر المختصة.  وتناقص خلال العامين الأخيرين ليصل إلى 86 صحيفة منها 12 حكومية ، و63 مجلة ودورية متخصصة[21] .
ظروف العمل السابقة الذكر والعوامل الاجتماعية والثقافية الأخرى، مثل ارتفاع نسبة الامية بين السكان وانخفاض معدلات القراءة والكتابة، وارتفاع تكلفة أسعار الصحف مقارنة مع تدني الدخل، كان لها تأثير واضح، كما ونوعا، في أداء وسائل الإعلام المكتوبة من حيث حجم الخدمة الإعلامية ومستواها، فهناك فقط حوالي (7) صحف لكل ألف نسمة من السكان[22]، مقارنة بـ(53) في البلدان العربية و(285) في الدول المتقدمة. وأكبر صحيفة في البلاد من حيث حجم الإصدار، وهي صحيفة الثورة، لا يتجاوز ال35 ألف نسخة يوميا[23]، أي بمعدل نسخة واحدة لكل ستمائة شخص، هذا بغض النظر عن حجم المرتجع من النسخ والإشتراكات الثابته لمؤسسات الدولة والتي قد تتجاوز نصف الكمية... 
وهذه الخصائص الكمية في الخدمات الصحفية المتاحة للسكان تقابلها خصائص نوعية أهمها:
1.  رداءة الأداء المهني الصحفي وتدني المضامين المعرفية والثقافية في الصحف حيث تصدر معظم الصحف في شكل غير مهني، قريب إلى النشرات الحائطية منها إلى الصحف المهنية، باستثناء بعض منها (الثورة و 26 سبتمبر بسبب توفر الإمكانيات الطباعية الحديثة) كما يسود المضمون السياسي على أغلب هذه الصحف على حساب المعارف الاخرى...  
2.  اقتصار توزيع هذه الصحف والمجلات في معظمها على المراكز الحضرية في بعض المدن الرئيسية وهناك كم كبير من المرجوع منها، فضلاً عن أن قطاع محدود من السكان هو الذي يهتم أو يستفيد من خدماتها أو لا يستطيع شراءها بسبب الافتقار إلى القدرة الشرائية وهو ما يعكس محدودية التأثير الذي يمكن أن تمارسه في تحريك وعي المجتمع وتنميته وخلق ظاهرة الرأي العام.

وفي ظل هذه المؤشرات الكمية من غير المتوقع ان يكون لوسائل الإعلام المكتوبة دور كبير ومؤثر في نشر المعرفة والثقافة في أوساط جميع فئات المجتمع واقتصار دورها على فئة اجتماعية محددة وصغيرة وفي إطار المعرفة الآنية والثقافة السطحية. وحتى العدد الضئيل من الصحف والمجلات والدوريات المتخصصة في نشر معارف علمية أو ثقافية في مجالات محددة نجد أنها إما غير منتظمة في الصدور أو تصدر بأعداد قليلة مقارنة بحجم السكان محليا وحجم الإصدار في الدول العربية الأخرى المشابهة لظروف اليمن. وفي الجدول رقم ( 2 ) أدناه، نجد ان صحيفة المستهلك والتي تهم جميع فئات المجتمع ومن المفترض انها تقدم لهم معرفة تتعلق بحياتهم اليومية واستهلاكهم المادي وإنفاقهم الشهري، لا يتجاوز حجم إصدارها النصف شهري الألفي نسخة… في الوقت الذي لا تطبع أشهر مجلة ثقافية وأدبية في اليمن، (الحكمة اليمانية) سوى ثلاثة ألف نسخة… ومن الواضج من قراءة الجداول المرفقة أن الصحف الإخبارية ذات الطابع السياسي هي الأكثر حضورا وبالتالي فإن الثقافة السياسية هي الثقافة الطاغية في المنشور من الصحافة المكتوبة مقارنة بما ينشر من صحف متخصصة أخرى، حيث تأتي الصحف ذات الطابع الإقتصادي والتنموي بشكل عام في المراتب الدنيا من حيث حجم الإصدار…
ثانيا: الإذاعة والتلفزيون:
الإعلام المرئي والمسموع رغم بقاءه حكرا على القطاع العام إلا أنه شهد خلال الثلاث السنوات الأخيرا تطورا كميا ملحوظا من حيث اتساع قنوات البث الإذاعي وزيادة فترات البث التلفزيوني وتحديث آليات العمل، فإلى جانب الإذاعتين الوطنيتين في صنعاء وعدن، اللتين تغطيان كامل انحاء البلاد وبعض المناطق في العالم، والإذاعات المحلية الخمس الموجودة منذ سنوات (الحديدة، المكلا، تعز، سيئون، أبين)، تم خلال العام 2003 إطلاق إذاعة جديدة للشباب في إطار البرنامج العام (إذاعة صنعاء) وفي العام 2004 تم البدء بالبث التجريبي لإذاعتين محليتين في كل من حجة والمهرة، ومن المتوقع ان يتم خلال العام القادم افتتاح أكثر من أربع إذاعات محلية أخرى. كما تمديد بث إذاعة صنعاء إلى (20) ساعة يوميا  وإذاعة عدن 15- 18 ساعة يوميا..
وفي مجال التلفزيون، هناك، بالإضافة إلى القناة المحلية (الثانية) الموجودة في عدن، قناة فضائية يمنية واحدة، بالمقارنة مع (120) قناة فضائية تتوزع على إحدى وعشرين دولة عربية بمتوسط (6) قنوات لكل بلد عربي. ولم يشمل بث القناة الفضائية اليمنية جميع مناطق العالم، منذ إطلاقها في ديسمبر1995م، إلا في أغسطس 2004م...




ذلك التطور الكمي البطيئ والخجول في إمكانيات وسائل الإعلام المرئية والمسموعة في اليمن وحجم انتشارها مقارنة بالتطورات التكنولوجية الهائلة، كما ونوعا، وفي ظل المنافسة الشديدة من القنوات الفضائية والبرامج الإذاعية العربية، لن يكون له مردود إيجابي على مستوى اتساع نشر المعرفة والثقافة في ظل انخفاض مؤشرات امتلاك السكان لأجهزة الأستقبال فضلا عن تدني مؤشرات التعرض للوسائل المحلية، فهناك أقل من (95) جهاز راديو لكل ألف من السكان مقارنة بـ(200) جهاز راديو لكل ألف من السكان في البلدان العربية و (1280) في الدول مرتفعة الدخل. كما لا يتوفر اليمن سوى على أقل من (61) جهاز تلفزيون لكل ألف من السكان، مقارنة بـ (198) في تونس و(563) في (عُمان) و(641) في الدول مرتفعة الدخل. ويشير التقرير العام لمسح ميزانية الأسرة[24] ، إلى أن نسبة امتلاك اجهزة استقبال الإذاعات الراديو تصل إلى (71%) في أوساط الاسر اليمنية وأجهزة التلفزيون (51%) في الوقت الذي تتدنى فيه مؤشرات امتلاك اجهزة استقبال الفضائيات (4.4%) من اجمالي العينة من الأسر... وتلك المؤشرات ربما تكون قديمة نوعا ما... وبغض النظر عن ذلك التباين فإن الأوضاع التي تعمل في ظلها وسائل الإعلام من الصعب الحديث عن معرفة مستقلة وحرية ثقافية.
جدول رقم ( 8 )
 حجم امتلاك السكان لاجهزة استقبال القنوات الإذاعية والتلفزيونية[25]
الاجهزة
الحضر
الريف
إجمالي الجمهورية
الأفراد
النسبة
الأفراد
النسبة
الأفراد
النسبة
راديو/مسجل
2,707,160
74.85%
9,116,832
75.7%
11,823,992
75.5%
تلفزيون
3,163,443
87%
4,928,563
40%
8,092,006
51%
جهاز استقبال قنوات فضائية
467,742
12.93%
232,398
1.93%
700,140
4.47%

دور وسائل الإعلام المرئية والمسموعة في نشر المعرفة والثقافة تحكمه عوامل أخرى مثل حجم الوقت الذي تخصصه للبرامج ذات الصلة بالمسائل المعرفية والثقافية، حيث نجد في الجدول رقم ( 9 ) ان نسبة تلك البرامج لا تتجاوز في مجموعها (13.7%) من إجمالي ساعات البث في جميع القنوات والإذاعات، بنسبة (7.5%) للبرامج الثقافية والعلمية، (2.1%) لبرامج الصحة والسكان والبيئة، و (2.4%) للبرامج الاقتصادية.. في الوقت الذي تهيمن فيه البرامج الترفيهية (الأغاني والرقص...في الغالب) بنسبة (25%) وتليها في الترتيب البرامج الإخبارية والسياسية ( معظمها نشرات إخبارية) بنسبة (19%)، الامر الذي يجعل من ثقافة الخبر السياسي السطحي وغير المتعمق وثقافة الترفيه الهابطة في الكثير من الأحيان، بالنظر لما يعرض باستمرار، الثقافتان السائدتان في أجندة القائمين بالاتصال في الإعلام اليمني المسموع والمرئي... وهذه المسألة سيتم دراستها بتعمق في إطار دراسة مضامين الخطاب الإعلامي فيما يلي من الورقة..










جدول رقم (  10 )
إجمالي ساعات البث للبرامج في جميع الوسائل المرئية والمسموعة[26]

م
نوع البرنامج
مجموع ساعات الإرسال السنوي
الزمن بالساعات
النسبة %
1.             
المادة الدرامية
3206.39
10.8
2.             
البرامج والمواد الأخبارية والسياسية
5714.26
19.3
3.             
البرامج والمواد للمنوعات الفنية والترفيهية
7403.51
25.0
4.             
البرامج والمواد الدينية
3316.55
11.2
5.             
البرامج الثقافية والتعليمية والعلمية
2204.23
7.5
6.             
برامج ومواد الأطفال
1292.55
4.4
7.             
البرامج والمواد الاجتماعية والفنوية
2539.37
8.6
8.             
الخدمات الإعلامية
312.12
1.1
9.             
برامج ومواد اللغات الأجنبية
1165.41
3.9
10.         
البرامج والمواد الرياضية
602.43
2.0
11.         
برامج الصحة والسكان والبيئة
625.15
2.1
12.         
برامج ومواد المرأة والأمومة والطفولة والأسرة
471.50
1.6
13.         
البرامج والمواد الاقتصادية
718.27
2.4


4. المضامين الإعلامية :
لعل اخطر النتائج المترتبة على ما يوصف "بالعولمة" – باعتراف معظم الباحثين- تلك المتصلة "بمخاطر الاقتلاع الثقافي والخوف من فقدان الهوية لدى العديد من الشعوب والامم والفئات الاجتماعية"[27] .
  ومن هنا تبرز إشكالية الفرض الثقافي ومحاولة إضفاء صفة العالمية على المنتجات الثقافية عبر وسائل الاعلام والاتصال المختلفة، كتحد يواجه الثقافة اليمنية ولكنه يواجه الإعلام اليمني بشكل خاص نظرا لدوره في عملية إنتاج الثقافة والفكر والتواصل مع الثقافات الأخرى. فنحن لا نملك القدرة على العزلة عن الثقافات الأخرى وعدم التأثر بما يحدث في بقاع العالم المترامية. كما لا يمكننا الاستسلام والمضي مع تيار "العولمة" دون هوادة لأن هويتنا هنا هي المهددة بالشتات والضياع.
ورغم أن المواثيق الدولية، تكفل للإنسان أن تكون له خصوصيته الثقافية، إلا أن التفاوت الهائل في الإمكانيات الثقافية التي ارتبطت ببعض الحضارات يثير الكثير من المخاوف لما في ذلك من تهديد للخصوصية ولثقافات أخرى لا تملك هذه الإمكانيات.
وتتفوق الولايات المتحدة الامريكية في نسبة ما تصدِّره من منتجات ثقافية وترفيهية، (كتب وأفلام السينما-والموسيقى-وبرامج التلفزيون-وال Software )، إلى حد أن صادراتها من هذه المنتجات  تسبق جميع صادراتها من أي قطاع آخر. فقد حقق فيلم واحد (التيتانيك) 1,8 مليار دولار. وهو الأمر الذي يدفع الولايات المتحدة إلى الإصرار على أن تعامل السلع الثقافية معاملة بقية السلع الأخرى بمعنى ألا تُفرض عليها قيود تمييزية من قبل الدول الأخرى، بعكس فرنسا ودول أخرى والتي تعتبر أن العولمة الثقافية خطر استراتيجي يهدد هويتها الثقافية.
أما في العالم العربي فمشكلة العولمة الثقافية أنها تكاد تكون في اتجاه واحد نتيجة الإمكانيات الهائلة للولايات المتحدة والدول الصناعية الكبرى في هذا المجال والتي جعلت الدول العربية في وضع المتلقي/المستهلك دائماً. حيث تشير احصائيات منظمة اليونسكو أن شبكات التلفزيون العربية، تستورد ما بين ثلث إجمالي البث (كما في سوريا ومصر) ونصف هذا الإجمالي (كما في تونس والجزائر)، أما في لبنان فإن البرامج الأجنبية تزيد على ذلك حيث تصل النسبة إلى 96% من مجموع البرامج الثقافية.  وفيما يتعلق باليمن فالمشكلة أكثر تعقيدا من جهة وأخف وطئة من جهة أخرى. فالتلفزيون اليمني يعتمد بالأساس على الإنتاج العربي بنسبة تتجاوز ال60 % (خلال السنوات الثلاث الأخيرة) ولا يمثل الإنتاج الغربي سوى نسبة ضئيلة (4%) نظرا لعدة عوامل منها ارتفاع أسعار المنتج . والتأثر بثقافة الآخر تتم عبر وسيط آخر عربي ( سوريا مصر لبنان)...  مما يقلل من أهميته والاستفادة الإيجابية منه ويرفع احتمالات تشويهه... وهذه الأوضاع تثير مخاوف القائمين على الإتصال في وسائل الإعلام بالخصوص باعتبارها تُهدد الهوية الثقافية من جهة، ولأنها تثقل كاهل الإعلام اليمني وتضاعف من المسؤولية التي يتحملها في ظل منافسة غير متكافئة بكل المقاييس لمواجهة مثل تلك التحديات الكبرى من جهة أخرى...
لقد كان لسيطرة النمط التلفزيوني وتاثير الصورة الجذاب دور كبير في صدور مثل تلك التخوفات، فالعالم الافتراضي المتلفز بات يشكل تهديدا لمنظومات القيم والرموز وتغييرا في المرجعيات وانماط الحياة، حيث تجد الثقافة اليمنية نفسها عارية امام التدفق الهائل للرسائل الاعلامية والعلامات التي تجوب العالم على مدار الساعة حاملة معها ابطالا ورموزا جديدة في الوقت الذي لم تتوفر فيه خيارات محلية بديلة مما ألغى إمكانية التثاقف كخيار يعني الانفتاح الطوعي على الثقافات الاخرى لصالح اكتساح واستباحة الفضاء الثقافي الذي يعزز قيم الغالب الثقافية مثله ونظرياته على حساب قيم المغلوب ورؤيته للعالم.. مما ادى الى انزواء وسائل الاعلام اليمنية على نفسها وانحصار دورها في الصناعة الثقافية ونشر المعرفة في اضيق الحدود التي لم تتجاوز الحديث المكرر عن التراث والتاريخ المجيد.. واختزال الثقافة اليمنية الى بعد فلكلوري يشهد على غربتها واسطوريتها وانتسابها الى متاحف التاريخ[28]. فالخطاب الاعلامي اليمني يتحدث عن الماضي وامجاده أكثر مما يتحدث عن الحاضر والمستقبل... ولكن محاولات الانكفاء الثقافي على الذات في مضامين الرسائل الاعلامية تعد مجرد ردود فعل سلبية غير فاعلة في ظل ثورة الاتصالات والتدفق الاعلامي المتواصل المرافق لمجتمع المعلومات.
  ومن الملموس ان وسائل الاعلام اليمنية لم تدخل بعد زمن"العولمة" بالنظر إلى عدم تأثرها بالمتغيرات الإعلامية التي اكتسحت وسائل الاعلام الدولية، وبقاءها في إطار الخطاب التقليدي الذي يتوجه إلى الجمهور المحلي  فقط وفي اتجاه تواصلي أحادي ويتعامل معه من منظور استعلائي باعتباره " بحاجة ماسة ودائما للمرشد والموجه " نظرا "لتخلفه" و"عدم وعيه..." الى أخر تلك الأحكام المسبقة والنمطية... في الوقت الذي يتناسى ان التغير الثوري في مفهوم الجمهور واتساعه ليشمل الكرة الأرضية في حالة الفضائيات والصحف الإلكترونية.... وبالتالي  تغير واتساع القضايا والمواضيع التي يطرحها فضلا عن متطلبات الإقناع والتاثير...
و يتسم الخطاب الإعلامي اليمني، بالاعتماد الكلي على الكلمة وبالتعبئة العاطفية شديدة العمومية البعيدة عن المعايير المهنية الصحفية فيما يتعلق بالشأن الثقافي وبمسألة الهوية الثقافية والعلاقة مع ثقافة الآخر في ظل توجهات العولمة الإعلامية..
 إن الانفجار المعرفي الذي يشهده العالم في الفيزياء والفلك وعلم الاحياء والطاقة وغيرها من المجالات غائب عن مضامين الرسائل الإعلامية التي تبثها وسائل الاعلام اليمنية باختلاف اشكالها، باستثناء حالات قليلة ونادره لا يقاس عليها، مثل صفحة الانترنت الاسبوعية في صحيفة الثورة التي تهتم بموضوعات لها علاقة بأنظمة الحاسوب وبرامج الكمبيوتر ومواقع الشبكة العالمية ، وبعض البعض البرامج ذات الطابع المعرفي العلمي  والثقافي في الإذاعة والتلفزيون، (برنامج المجلة العلمية الأسبوعي في الإذاعة ومثيله في الفضائية والتي تختفي وتظهر بين دورة برامجية وأخرى)، ولا تمثل رقما يذكر من اجمالي ساعات البث.. ففي الجدول المرفق نجد أن الأعمال الدرامية المتمثلة في المسلسلات والأفلام والبرامج الترفيهية هي السائدة في الخارطة البرامجية للفضائية اليمية والقناة الثانية خلال العامين 2002م – 2003م ، وكذلك العام النصف الأول من العام الحالي، في حين لم تتجاوز نسبة البرامج الثقافية وذات الطابع المعرفي خلال العام المنصرم 2003م ال (3.3%) في القناة الثانية و(2.6%) في الفضائية.... وفي الغالب ما تسود الثقافية الأدبية،الشعر بالخصوص، مضامين تلك البرامج...
ورغم محدودية البرامج الثقافية وذات الطابع المعرفي وندرتها في بعض الأوقات من السنة إلا انها لا تضيف في الغالب اي معرفة جديدة للمتلقي ولا تلفت انتباهه واهتمامه نظرا لتأخرها في عرض المواضيع الجديدة ومناقشتها في الوقت الذي يكون فيه اغلب القنوات الفضائية والصحف العربية قد نشرتها بأشهر ان لم تكن بسنوات[29].
فهذه البرامج  على قلتها غير قادرة على مواكبة التطورات المعرفية في العالم ولا تمتلك القدرة المادية والكفاءة البشرية لذلك.. ففي غالب الأحيان يعتمد انتاج البرامج على اجتهادات المعد او المخرج وامكانياته الذاتية في الحصول على المعلومات والمواد القابلة للنشر بدون توفر ميزانية مناسبة للانتاج... كما لا تهتم وسائل الإعلام باختلافها بنشر المعرفة اليمنية ودعم الثقافة المحلية، وخلال تفحصنا لما ينشر ويبث فيها خلال العامين المنصرمين لم نجد برنامجا واحدا ولا صفحة واحدة تواكب الانتاج المعرفي والثقافي في اليمن بمعناها الشامل باستثناء المنتوج الأدبي المختزل في الشعر والقصة[30]...









حالة الإذاعة ليس بأحسن من التلفزيون حيث تشير الإحصائيات الرسمية لعام 2003م أن نسبة البرامج الثقافية والعلمية لم تتعدى ال (0.5 %) من إجمال ساعات البث لإذاعة صنعاء و (1.3%) في إذاعة عدن، في الوقت الذي بقيت البرامج الترفيهية تحتل المراتب الأولي في البرمجة الإذاعية في كل من صنعاء وعدن، وكذلك الحال في الإذاعات المحلية  حسب ما توضحة الجداول رقم ( 12 ، 13 )
وتعتمد قواعد صياغة الرسالة على نوع الجمهور المستهدف لكي يتحقق لهذه الرسالة أقصى قدر من الفاعلية والتأثير إذا ما صادفت ظروفا ملائمة عند المتلقي . ولكن الرسالة التي تصدرها معظم وسائل الإعلام اليمنية حول الثقافة الأدبية على سبيل المثال، إذا تأملنا صياغتها، نجد أنها بعيدة عن الجمهور المستهدف، فهي تتميز، في الغالب، بلغة اصطلاحية متعالية بعيدة عن المتلقى العادى. كما ان هناك تركيز مفرط لموضوعات، مثل الشعر، تأخذ نصيب الأسد من الوقت والمساحات المتاحة للثقافة الادبية ربما لاتهم هذا الجمهور المستهدف ولا تلبي احتياجاته كما أنها لضعف الإمكانيات والقدرات الصحفية لا تستطيع التأثير عليه ولفت انتباهه لمتابعتها، وبالتالي يتوجه هذا النوع من الرسائل لعدد غاية في الضآلة من الجمهور لا يتجاوز محبي ذلك النوع ومن لهم علاقة به...
ومن الصعب، حقيقة، الحديث هنا عن خطاب إعلامي محدد الهوية والسمات والحدود والرؤية... فالإعلام الرسمي يتخبط لا يعتمد سياسة موحدة ولا حتى لغة موحدة باستثناء ما يتعلق بالخطاب السياسي الرسمي المرتبط بالرئيس والحكومة...وفي نفس الوقت يهمل الخطاب الإعلامي لوسائل الإعلام المعارضة والمستقلة كل ما له علاقة بالمعرفة والثقافة المستقلة إلا إذا كانت لها دلالات سياسية ويمكن توظيفها في الصراع السياسي مع الحكومة... وإجمالا فالخطاب الإعلامي السائد حول المعرفة والثقافة ماهو إلا مجرد ردود أفعال وصدى مشوش لخطاب الآخر / العربي او الغربي.. ولنا في موضوع التناول الإعلامي مع الآخر الأمريكي خير مثال، فخلال الفترة الماضية التي أعقبت حوادث المدمرة الأمريكية كول وبتأثير السياسة الأمريكية في المنطقة، لعب الإعلام اليمني بشتى ألوانه السياسية ومقاصده وباختلاف لهجاته وعناوينه، دور المحرض، ضد كل ما يمت بصلة "للشيطان الأكبر" أمريكا.. وكان الخطاب لا يميز في لغته بين الإدارة الأمريكية والشعب والمؤسسات الأخرى كما يساوي في دعواته المسلم الأمريكي بمواطنه اليهودي والمسيحي والعلماني بغض النظر عن مواقفه السياسية وقناعاته الفكرية وأصوله العرقية... ذلك الخطاب الذي اتصف بالعشوائية والانتهازية في كثير من الأحيان، كرس القيم المناهضة للتسامح والحوار بين الثقافات وساهم في رفع درجة السخط لدى المتلقي اليمني ليس فقط ضد سياسات الإدارة الأمريكية في المنطقة، بل وضد كل ما يحمل الصفة الأمريكية، الأمر الذي ساهم في تعزيز قيم التطرف والتعصب والكراهية لدى فئة من الشباب اليمني وخلق مناخا ملائما لهم للتشريع للقتل من منطلقات دينية[31]...
وبغض النظر عن التفسيرات المختلفة للسلوك العدواني المكتسب لدى الأفراد الا ان لسبل التنشئة الاجتماعية تاثير كبير في سلوك الانسان العدواني والعنيف. والانسان عندما يتعلم عن طريق المشاهدة، عبر التواصل المباشر أو عبر شاشات التلفزيون أو ما يترسخ في خيال المتلقي من الرسائل المكتوبة والمسموعة، فانه ينتج سلوكه على اساس ما استبطنه في وعيه أو يشاهده ومن يقتدي به..

·        الإعلام والتثقيف السكاني(دراسة حالة)[32]:
في المواضيع المرتبطة بالقضايا السكانية، مثل تنظيم الاسرة والصحة الانجابية نجد أن المضمون الإعلامي لا يحفل كثيرا بها، رغم أهميتها وحيويتها فيما يتعلق بالتنمية الإنسانية، حيث تفيد دراسة مسحية أجريت عام 1999م للمجلس الوطني للسكان أن  دور وسائل الاعلام في مواضيع تنظيم الأسرة والصحة الانجابية غير فعال[33].  فلم  يتجاوز حجم اهتمام الصحف المكتوبة نسبة (1%) في اكبر صحيفتين، الثورة و14 أكتوبر، كما يتبين في الجدول رقم (14)، استنادا إلى دراسة تحليل مضمون أجريت في نفس السياق[34].  وهذه النسبة الضئيلة من الاهتمام الإعلامي المقروء في عالبيتها لا تتضمن سوى الأخبار حول فعاليات وانشطة الهيئات والجهات ذات العلاقة بالسكان، وتكاد تخلو من المواضيع الموجهة للتثقيف والتوعية السكانية بهدف التأثير في المعارف او التوجهات او السلوك.

يلاحظ أن حجم اهتمام صحيفة "26 سبتمبر" بالقضايا السكانية كبير ومثير للتعجب (21%) قياساً بحجمها وأهدافها وتخصصها، الأمر الذي يجب التوقف عنده وبحثه. إلا أننا إذا نظرنا إلى عدد المواضيع السكانية القليلة، (12) موضوعاً سكانياً من إجمالي 556 موضوعاً مختلفاً، نستنتج أن الصحيفة خصصت مساحات كبيرة لكل موضوع وتناولتها بشكل أكثر تفصيلا وقد يكون استعمال الصور الكبيرة هو الذي رفع نسبة المساحة المخصصة للقضايا السكانية في عينة الدراسة، قياسا بعددها المحدود. كما أن ذلك الاهتمام تركز في المواضيع لتغطية أنشطة وفعاليات رسمية بحضور مسؤولين في الحكومة أكثر مما كان عملا إعلاميا تثقيفا او نشرا لمعارف جديدة حول السلوك السكاني. في حين نجد أن ما يقارب من نصف المواضيع السكانية المنشورة في صحيفة المرأة (45%) تقع خارج التصنيف النمطي للرسائل السكانية الست المحددة من قبل مشروع الدعم الاوروبي للاتصال والتثقيف السكاني. فاهتمام الصحيفة بالمواضيع السكانية غير مركز وواضح الاهداف والمعالم ويعتمد على المصادر الخارجية والمقالات الجاهزة والمنقولة عن مجلات آخرى، الأمر الذي يطرح الكثير من التساؤلات جول مصادر المعلومات والمعرفة السكانية وآلية تدفق المعلومات للصحف المتخصصة..
والتثقيف السكاني عبر التلفزيون والإذاعة ليس بأفضل حال من الإعلام المكتوب، حيث اثبتت دراسة تحليل المضمون لعينة من البرامج الإذاعية في إذاعة عدن أن إجمالي المساحة الزمنية المخصصة للقضايا السكانية خلال الستة الأشهر من فترة العينة وصلت إلى 312 دقيقة،(306.5 دقيقة للبرامج و 5.5 للفلاشات)، بنسبه لم تتجاوز (0.2%) من إجمالي ساعات البث خلال نفس الفترة، كما هو موضح في الجدول رقم ( 15) وهي نسبة ضئيلة جداً بالنظر إلى تنوع وتعدد قضايا السكان وأهمية الإذاعة كوسيلة إعلام وتوعية في مجتمع يتسم بارتفاع معدلات الأمية والفقر. والجانب الأيجابي في هذا السياقي هو توقيت زمن بث الرسائل الإذاعية السكانية المناسب والذي انحصر غالبا في فترة زمنية واحدة هي الفترة الصباحية، بين السابعة والعاشرة صباحاً، وهي الفترة الأكثر استماعا من قبل جمهور النساء في المنازل والريفيين في الحقول.




ولم تختلف النتيجة  فيما يتعلق بالرسائل الإعلامية السكانية المتلفزة عبر الفضائية اليمنية حيث توصلت الدراسة المذكورة آنفا،  إلى أن مجمل القضايا السكانية التي تناولها التلفزيون خلال فترة الدراسة كانت ضئيلة للغاية، ولا تكاد تذكر مقارنة بإجمالي ساعات البث أو بحجم المساحة التي تحتلها المواضيع الأخرى الفنية والسياسية والرياضية وغيرها، حيث كانت لم تتجاوز نسبتها 0.2 %. وتوزعت هذه النسبة بين برنامج المجلة السكانية (375) دقيقة والفلاشات المنتظمة التي أشرفت عليها الأمانة العامة للمجلس للسكان  (260) دقيقة والفلاشات الأخرى التي أخذت عن طريق العينة العشوائية خلال نفس الفترة(30)دقيقة.
من خلال نتائج هذا الدراسة تظهر الصورة قاتمة في ما يتصل بالإعلام السكاني في اليمن، حيث يبدو أن مشكلة النمو السكاني السريع والكبير لم تحتل صدارة اهتمامات القائمين على الاتصال في وسائل الإعلام المختلفة، ناهيك عن العامة من الناس. ولا يزال الوعي بعواقب المشكلة وابعادها على البلاد والعباد محصوراً في أوساط المختصين والجهات المعنية. كما تظهر المؤشرات الكمية للدراسة أن المختصين أنفسهم تنقصهم الخبرة والتأهيل لإظهار هذا الأهتمام بشكل واضح وفاعل عبر وسائل الإعلام. وقد بينت الدراسة بجلاء بأن قضايا السكان تأتي في أسفل سلم أولويات اهتمامات الإعلام اليمني رغم الجهود التي تبذلها الجهات المعنية والمشاريع ذات الصلة بالسكان والصحة الإنجابية والتي تجاوز عددها ال36 مشروع[35].
خلاصة القول، ومن خلال ما توفر من مؤشرات كمية ومعلومات حول مضامين الرسائل الإعلامية، يبدو المشهد الإعلامي بائساً في اليمن، رغم التطور التكنولوجي الهائل في حقل الإعلام والاتصال والإنفجار المعرفي في كل ربوع العالم، فهناك تطور كمي في أعداد وسائل الإعلام المكتوبة وتوسع في ساعات البث الإذاعي والتلفزيوني، إلا أن مضامين رسائلها لا ترقى إلى مستوى ذلك التطور الكمي ولا إلى مستوى اللحظة الزمنية الراهنة...
ولا يقدم خطاب المعرفة في وسائل الإعلام اليمنية سوى مفاهيم سطحية وقراءات متناقضة حول الكثير من المواضيع. وإذا اخذنا على سبيل المثال موضوع ثقافة حقوق الإنسان نجد أن كل وسيلة "تغني على ليلاها" فكل من الصحف الحزبية والصحف الحكومية والمهتمة بالموضوع تتناول الموضوع من زاوية مصالحها وأهدافها السياسية والمادية الضيقة, ويوحي خطاب كل طرف انه المدافع المخلص عن حقوق الانسان وأن الطرف الآخر ينتهكها ويروج الأكاذيب حولها، ولا ينشر أو يروج لأي أفكار او أخبار حول حقوق الإنسان سوى ما يتناسب وما يعزز وجهة نظره ويحقق أهدافه.. ويتضح من الخطاب السائد حول الموضوع ان كل الطرف يتعامل مع المعلومات والمعرفة التي ينشرها حول حقوق الإنسان في إطار الخصومة السياسية وأحيانا الشخصية مع الآخر, الأمر الذي ينتج خطابا مشوها ومفككا يلحق الضرر بحركة حقوق الإنسان في اليمن أكثر مما يدعمها, خاصة في ظل ضعف ومحدودبة الإعلام المستقل.
إن الدور الثقافي والمعرفي الخلاق والايجابي لوسائل الاعلام مرهون أولا وقبل كل شيء بقدرة هذه المؤسسات على اقامة حوار ثقافي وطني داخلي بين الاتجاهات والتيارات والافكار المختلفة وضمان حرية تدوال الافكار والمنتجات الفنية والادبية الى جانب تدعيم النشاط الابداعي وتحريره من من الممنوعات والمحرمات...
ونظرا للأهمية القصوى التي تبوأتها ثقافة الصورة والبث المتلفز فإن المشروع الثقافي اليمني قد أصبح بعهدة القناتين التلفزيونيتن الوحيدتين في اليمن أكثر من أي وسيلة أخرى... وهاتين القناتين لم تتمكنا من القيام بدورهما للترويج لأي مشروع ثقافي ومواجهة استحقاقات الامن الثقافي أو الاسهام الإيجابي في نشر المعرفة وجعل المتلقي اليمني يواكب تطوراتها في بقاع العالم لأسباب وعوامل عديدة من اهمها:
1.  انها تعمل بنظم وآليات عمل عتيقة منذ تأسيسها، ولم تتحرر من الذهنية الرقابية على الانتاج الرمزي التي لم تعد مجدية في زمن السماوات المفتوحة ولا تشبع حاجات الناس الثقافية والجمالية عبر الفيلم الجيد والبرنامج الثقافي الممتع والخبر الهام وبمواصفات اعلامية مهنية راقية ومنافسة  
2.  لا يتم النظر إلى الإعلام، من قبل صناع القرار الإعلامي والسياسي، كصناعة تتطلب الكثير من الجهد والكفاءة والمال والمصداقية والشفافية وإنما كمرفق خدمي دعائي، عمومي في حالة المؤسسات الحكومية وملكية خاصة في حالة المؤسسات غير الحكومية... وهذه المؤسسات تستهلك من المال والجهد أكثر مما تنتج او تروج من المعرفة المفيدة..

3.  مصادر الجمهور الإعلامية في المعرفة والثقافة:
إن العلاقة بين وسائل الإعلام والجمهور، من أكثر المسائل التي شغلت علماء الاتصال والباحثين، في حقل الاتصال الجماهيري. لقد اهتم الباحثون بالتأثير الذي تحدثه تلك الوسائل في الأفراد، من خلال ما تنشره، أو تعرضه. وقد أدى هذا الاهتمام الكبير بتأثير وسائل الإعلام، والتركيز المكثف على تفسير نوع ذلك التأثير، وطبيعته، إلى تعـدد الآراء، والرؤى، والنظريات، التي تحاول أن تقدم تفسيراً (مقنعاً) للطريقة التي تؤثر بها تلك الوسائل. وهناك إجماع على أن وسائل الإعلام لها تأثير ما على الجمهور، ولكن إلى أي حد، وفي أي ظروف، وبأية كيفية..؟ هو ما اختلف فيه العلماء، والباحثون، في مجال الاتصال الجماهيري. وهذا ليس ما سنسعى الى الإجابة عليه بالتحديد ولكننا هنا سنحاول تلمس بعض توجهات الجمهور في عملية التلقي والعوامل المؤثرة في عملية استقبال الجمهور للرسائل الإعلامية والخروج بمؤشرات حول حجم الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام لنشر المعرفة والثقافة...
لقد واجهنا الكثير من المصاعب لإعداد هذه الورقة من أهمها شحة المعلومات والبيانات التي يمكن ان تساعد في الكشف عن حجم الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام في نشر المعرفة والثقافة، بصورة عامة، فضلا عن ندرة الدراسات الخاصة بالجمهور ، بالتحديد وبصورة خاصة..  والدراسة الوحيدة التي توصلنا إليها حول جمهور القراء تشير إلى أن معدلات القراءة المنتظمة لدى الجمهور للصحافة المكتوب اليمنية ضئيلة (11.5%  و 38.5%) كما يتبين في الجدول رقم ( 16 )، الأمر الذي يشير إلى عدم اهتمام المتلقي اليمني بما تنشره الصحافة اليمنية وعزوفه عنها. وقد يرجع ذلك إلى عوامل عديدة منها سوء التوزيع وارتفاع أسعار الصحف مقارنة بتدني دخل الجمهور المتلقي او عدم تلبية الصحف والمجلات لاحتياجات الجمهور من المعارف والمعلومات... ومما يعزز من ذلك الاستنتاج  أن العينة المستجوبة من جمهور القراء لا تحدد وقتا معينا للقراءة وتتكرر المسألة لوقت فراغها بنسبة كبيرة (44.2%) كما يتضح في الجدول رقم ( 17 )

جدول رقم ( 16 )
يوضح عادات القراءة للصحف والمجلات لدى عينة من جمهور القراء[36]
صحف
النسبة %
مجلات
النسبة%
دائما
38,5
دائماً
11,5
احياناً
26,9
احياناً
46,2
نادراً
25
نادراً
32,7
لا
5,8
لا
5,8
لا رأي له
3,8
لا رأي له
3,8


جدول رقم ( 17 )
 الوقت الذي يقضيه جمهور العينة في قراءة الصحف[37]
مدة القراءة
النسبة%
أكثر من عشر دقائق
13,5
أكثر من ربع ساعة
11,5
أكثر من نصف ساعة
19,2
أقل من ساعة                  
7,7
أكثر من ساعة
3,8
حسب الفراغ
44,2
لارأي له
-----

أما فيما يتعلق بالجمهور المتلقي للإعلام المرئي والمسموع فهناك تضارب في الإحصائيات المتعلقة بمدى وحجم تعرض الجمهور المتلقي للقنوات التلفزيونية اليمنية ( الفضائية والثانية).. وتشير آحدث دراسات للجمهور اليمني ان نسبة التعرض للقنوات التلفزيونية المحلية يتناقص بشكل مستمر حيث توصل الباحث محمد الفقيه في دراسته التي اجريت عام 1997م [38] ، ان نسبة التعرض للقنوات المحلية بلغت (83.7%) وفي وقت لاحق انخفضت النسبة، في دراسة الشامي التي اجريت عام 2001م،  إلى (72.8%)[39] ، و(49%) في دراسة أخرى[40] . وهذه النتائج تختلف كليا عن عما توصلت اليه دراسة لإدراة التخطيط والبحوث في مؤسسة الاذاعة والتلفزيون، حيث بلغ إجمالي نسبة التعرض 100% من العينة المبحوثة، الأمر الذي يثير الاستغراب والتساؤل حول عدم وجود متلقين لا يشاهدون القنوات التلفزية ؟؟؟
وقد يرجع الاختلاف في النتائج المذكورة الى عدة اسباب منها اختلاف حجم العينة ومحيطها الجغرافي، (ريف / مدينة)، من دراسة الى اخرى، كما قد يعود ذلك التضارب إلى تراجع الجمهور في التعرض للقنوات المحلية مع مرور الوقت نظرا للتأثر بالقنوات الفضائية العربية والاجنبية الاخرى وهي سمة عربية وعالمية لا تقتصر فقط على الجمهور اليمني... ورغم ان هذه النتائج باختلافها قد تدل على صلابة القنوات المحلية وارتفاع شعبيتها رغم المنافسة المهنية العالمية الشديدة للقنوات الفضائية إلا  ان ذلك الامر لايعني انها تحتل مكانة مهمة في أولويات اهتمامات المتلقي وان التعرض قد يكون غير منتظما ولمتابعة بعض الاخبار المحلية، وهو ما اكدته دراسة الشامي، حيث ان معدل التعرض بشكل دائم لم يتجاوز ال(21.9%) من العينة المبحوثة مقابل (78% ) في اوقات متفرقة وغير منتظمة، وبكثافة منخفضة أقل من ساعتين يوميا (65.7%)... وتشير نفس الدراسة إلى ان اسباب عدم التعرض ترجع بصفة اساسية الى : الاكتفاء بمشاهدة القنوات الفضائية العربية (48.5%)، والى ان ماتقدمه هذه القنوات لا يفيد(47.8%)[41] . وتقترب هذه النتائج مع ما توصلت اليه دراسة المؤسسة العامة للاذاعة والتلفزيون..
وفي الجدول أدناه رقم ( 18 ) يتضح بجلاء عدم حرص المبحوثين في دراسة الشامي على التعرض الكثيف للقنوات المحلية. وتتفق هذه النتائج مع نتائج دراسة الفقيه (42.3%) حسب الظروف، و (7.8% ) عالي[42]...




جدول رقم ( 18 )
كثافة التعرض للقنوات التلفزيونية المحلية

التعرض
إناث
ذكور
اجمالي
منخفض (اقل من ساعتين يوميا)
60.3%
69.5%
65.7%
متوسط(ساعتين-اربع)
23.2%
22.1%
22.5%
عالي(اكثر من اربع ساعات)
16.5%
8.4%
11.8%

اما اذا انتقلنا الى مستوى آخرى للبحث عن مضامين ما يتم التعرض له خلال الفترات الزمنية القليلة والمتقطعة فنجد ان البرامج ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة بالثقافة والمعرفة كما حددناها سابقا في الورقة تشكل نسبة ( 32%) في دراسة الشامي، وهي ضئيلة مقارنة مع البرامج الإخبارية (73%) كما هو موضح في الجدول أدناه.. و هذه النتائج قريبة للواقع باعتبار انها تتفق مع نتائج دراسات أخرى في نفس المجال مثل: دراسة الفقيه ( 97%)[43]، و دراسة سعد ( 96.3% )[44].
جدول رقم (19)
المضامين التي يتعرض لها جمهور العيننة في القنوات التلفزيونية[45]
الترتيب
البرامج
النسبة
1
الأخبار والبرامج الإخبارية والسياسية
73.1
2
المسلسلات والأفلام والمسرحيات العربية
46.4
3
المنوعات والأغاني والموسيقى
45.6
4
البرامج الدينية
44
5
البرامج العلمية
32.1
6
المباريات والبرامج الرياضية
30.8
7
المسلسلات اليمنية
25.8
8
المسلسلات والأفلام الأجنبية
23.6

وكان دافع التعرف على أخبار الوطن من أهم الأسباب التي تحفز جمهور المتلقين من المبحوثين إلى التعرض للقنوات المحلية، حسب الدراسات المذكورة آنفا، بنسبة (57.4%) في دراسة الشامي[46] ، و ( 86%) في دراسة سعد[47]..
في حين جاءت الدوافع الثقافية والمعرفية ذات الصلة بتعلم مهارات جديدة ومعرفة مستجدات العالم العلمية والثقافية في المراتب الأخيرة بنسب تتراوح بين 14.3% و 11%[48] ، في الوقت الذي يعتمد فيه الجمهور على القنوات الفضائية العربية والدولية في معرفة المستجدات في جيمع المجالات ومنها الثقافية والمعرفية بنسب أعلى بكثير (51%)[49] ....
ويلاحظ ارتفاع نسبة مشاهدة العينة للبرامج الثقافية والعلمية عبر الفضائيات العربية (70%)[50]، مقارنة بالقنوات المحلية. وتشير دراسة المؤسسة اليمنية للإذاعة والتلفزيون إلى ان نسبة المشاهدة المنتظمة للبرامج الثقافية خلال الأعوام من 1999م إلى 2003/، بلغت 32.4%  في القناة الاولى (الفضائية) و38.7% في القناة الثانية كما هو مبين في الجدول رقم (  20 ).
جدول رقم (  20 )
مشاهدات العينة العشوائية للقناتين الفضائية والثانية [51]
        المشاهدة
بانتظام
أحيانا
نادرا
الفضائية
القناة الثانية
الفضائية
القناة الثانية
الفضائية
القناة الثانية
البرامج الثقافية والفنية 1999
32.4%
38.7%
45%
46.9%
22.5%
14.4%
برامج دورة يناير – أبريل 2002م
46.9%
37.5%
25.9%
43.5%
13.8%
19%
اتجاهات رغبات المشاهدة 2003م
63.9%

17.5%

18.6%


وما يعزز من صدقية تلك المؤشرات نجده في الاستطلاعات المتعلقة بالبرامج الأكثر مشاهدة من قبل الجمهور المتلقي، حيث حظي كلا من برنامج من المسؤول ووجها لوجه بالمراتب الأولى (74.6%، 64.8%)  من حيث نسبة المشاهدة من قبل عينة الدراسة التي قامت المؤسسة، في الوقت الذي لم تتجاوز نسبة المشاهدة المنتظمة لبرنامج "قاموس المعرفة" (8.7%)[52]..
وهذا الوضع لم يختلف كثيرا بالنسبة الى الاذاعة حيث ان البرامج الثقافية بقيت في مستويات اهتمام دنيا من قبل المستمعين ( 28.1% اذاعة صنعاء ، 18.2% اذاعة عدن)[53]. ورغم قلة البرامج العلمية الشهرية وندرتها في كثير من الفترات وعدم انتظام بثها فإنها لم تحظ سوى بنسب متدنية من الاستماع ( برنامج العلم والانسان 8.7% ،  ومجلة العلوم 5.2%)[54]...  
نظريا، عملية الاتصال الفعال تأخذ في اعتبارها طبيعة الجمهور المستهدف بالاتصال كمحدد أساسي للعملية الاتصالية، فالمتلقي في عالم اليوم اصبح يمارس دورا إيجابيا في إنشاء الرسالة التي يتلقاها حيث ينشئ المرسل الرسالة على أساس توقعاته لردود فعل المتلقي وذوقه وخبرته. لذلك فان عملية الاتصال الناجحة التي تستهدف جمهورا عريضا لابد وأن تراعى الفئات المختلفة للجمهور من صانع قرار إلى المثقف والسياسي، ومن الشيوخ إلى الشباب والأطفال وغيرها.
عمليا: في الحالة اليمنية يلاحظ أن المتلقي لا يمارس اي دور إيجابي في إنشاء الرسالة، فاستطلاعات الرأي للجمهور ودراسات الجمهور شحيحة جدا وتقوم بها بعض المؤسسات الإعلامية أحيانا، من قبيل إسقاط الواجب وليس بهدف التعرف الحقيقي على اتجاهات المتلقي ومحاولة الاستجابة لاحتياجاته وتطلعاته من المعرفة والثقافة والترفيه وغيرها ... والمؤشر الآخر الذي يدل على الاتصال الإحادي الاتجاه التي تمارسه وسائل الإعلام باختلافها هو اختفاء الكثير أو تقليص المساحات في الصحف لما يعرف ببريد القراء وتوظيفه لتحقيق غايات أخرى سياسية ودعائية فقط . وفي الإعلام المرئي والمسموع شهد العامين الماضيين انحسارا كبيرا للبرامج المباشرة والتي تعتمد على التواصل مع الجمهور وإشراكه فيها... والبرامج الاذاعية التي تعتمد على مشاركة الجمهور يتم تسجيلها مسبقا..   وهذا  يجعل أي معرفة تنشرها وسائل الإعلام وأي ثقافة تروج لها خاضعة للقائم بالاتصال ولشروطه واتجاهاته وإمكانياته، وبالتالي فهي معرفة موجهة ومؤدلجة، وغالبا ما تكون سطحية وغير معمقة، الأمر الذي يضعف من فعالية الرسالة ومن احتمالات تأثيرها على المتلقي بشكل مباشر لانها تغرد خارج السرب. فالكثير من المواضيع والقضايا وخاصة تلك المتعلقة بالثقافة المجتمعية، فذلك الجدل الحقيقي هو فقط القادر على كشف ما تتميز به الثقافة اليمنية من خصوصية وثراء.



6. الخاتمة: 
لا يقتصر دور الإعلام، كعنصر أساسي لاستمرار الحياة، في مجرد النقل والتوصيل للمعارف والنشر الثقافي، وإنما يتعدى ذلك إلى وظائف ومهام كثيرة ومتعددة من أبرزها :
1.    ثقافيا: تعزيز النشاط الاجتماعي والتعبير عن الحضارة وثقافة المجتمع .
2.    معرفيا: تحقيق أكبر قدر ممكن من المعرفة بأنواعها والعمل على تنظيم وتنسيق هذه المعرفة وشرحها بأسلوب يفهمه الجميع.
 
وقد تبين بجلاء، خلال هذه القراءة الأولية لبعض المؤشرات الإعلامية، عدم قدرة وسائل الإعلام على القيام بذلك الدور، بشقيه المعرفي والثقافي، بصورة فعالة وإيجابية... ويمكن أن نستخلص جملة من العوامل التي أسهمت، بصورة مباشرة وغير مباشرة، في تحديد دور الإعلام في نشر المعرفة والثقافة، ووجهت مساره، بما يلي :  
·        الوضع الاقتصادي في اليمن وتفشي ظواهر مثل الفقر والبطالة بين السكان بنسب عالية...
·   الفراغ الفكري وعدم وضوح الرؤية في ظل غياب لمشروع حضاري واضح المعالم وسط التحولات الفكرية والأيديولوجية الكبرى على المستوى العالمي والإقليمي والوطني..
·   ضعف القدرات المهنية للقائمين على الاتصال وتداخل المهام في إطار المؤسسة الواحدة (سياسية ، امنية ، اقتصادية ، اعلامية...الخ)
·        تأثر القائمين على الاتصال بالخطاب الإعلامي المهيمن عالميا كمتلقين..
·   المركزية الشديدة في ادارة المؤسسات الإعلامية واتخاذ القرارات وشخصنتها الأمر الذي يجعل الخطاب الإعلامي رهن لها ويخضع لتوجهات ولمصالح المسؤول الأول فيها، فتبقى الخيارات ضيقة أمام بقية العاملين في المؤسسة ويصبح تأثيرهم ضعيفا.. 
·   ضعف الإمكانيات المادية المتاحة للمؤسسات الإعلامية، الأمر الذي يضعف من قدرتها في العمل الإعلامي المهني الموضوع ويدفعها إلى تقديم تنازلات لمن يمولها ويدعمها على حساب قيم العمل المهنية والأخلاقية في ظل اشتداد المنافسة بين وسائل الإعلام..  
  • المرجعية الفكرية والأدوار الاجتماعية والحالة النفسية للقائمين على الاتصال وخاصة محررو الأخبار والمراسلين، تعمل على التأثير المباشر وغير المباشر في صياغة الرسالة الإعلامية 
7. الخيارات المتاحة:
إن تطوير الدور الإعلامي الفعال في نشر المعرفة لن يتأتى إلا من خلال النظر إلى العمل الإعلامي في إطار العملية التواصلية بعناصرها المختلفة: وهي الإطار الاجتماعي والسياسي والثقافي التي تشتغل فيه (السياسات والتشريعات والتوجهات الكبرى) – القائم بالاتصال والوسيلة والرسالة والمتلقي. 
    وعليه، فانه يجب البدء في خلق بيئة ملائمة من داخل المجتمع اليمني نفسه قبل الانتقال إلى مستوى اكبر واوسع. وهذا يقتضي منا أن ندرس أخلاقنا السياسية والثقافية دراسة تفكيكية نقدية. دراسة تحكمها روح التسامح بين الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، وفي هذا المعنى يمكن أن ينشأ الخطاب الذي طالما فقدناه. ذاك القائم على ديمقراطية العلاقة بين قوى المجتمع ومؤسساته واختلافاته وتنوعاته الفكرية والسياسية والثقافية والاجتماعية. إنه الخطاب الديمقراطي الحر، هذا الذي تكون الحرية فيه مفهومة على أنها التحرر من كل إكراه أو قسوة تحول دون الإنسان وفعله وما يود فعله. 
  وفي سياق هذا التمشي نطرح فيما يلي بعض الافكار الاولية التي يمكن ان تشكل بداية عملية لحوار ونقاش حقيقي في اتجاه صياغة علمية لعمل استراتيجي في هذا المجال:
1.  صياغة سياسات إعلامية وثقافية شاملة ومتجددة ومتلائمة مع روح العصر، وتأسيس مرتكزات العمل الإعلامي والثقافي من مؤسسات ومراكز وهيئات تترجم تلك السياسات إلى برامج عمل،
2.  بناء نموذج تواصلي يقوم على المشاركة لا على فرض الاعتقادات: بحيث يتجنب الاعتماد على النموذج الرأسي في التواصل، وتوفير الفرص للمشاركة الشعبية في التواصل وتحقيق ديمقراطيته، وهكذا يتخلص نظام التواصل من سمة الاتجاه الواحد ويحقق فكرة حق التواصل كحق أساسي وينظر للجمهور كمشاركين فاعلين لا كمتلقين أو مستهلكين فحسب.
3.  التركيز على القيم المشتركة التي تلتقي فيها الثقافات المختلفة : فرغم الاختلافات الجوهرية بين الثقافات والأفكار في جميع أنحاء المعمورة إلا أن هناك قيماً مشتركة بين جميع الأطراف تمثل منبع نشأة النوع البشري وأصل الوجود الإنساني التي قامت عليها كافة الحضارات السالفة والمعاصرة. والسبيل إلى ذلك إجراء لقاءات وحوارات متواصلة لتعميق الفهم المشترك وتأصيل التداول المعرفي بدلاً من القطيعة ورفض الآخر.
4.  الالتزام بمفهوم واضح للحرية والتسامح: قبل أن يركز الخطاب الإعلامي على العلاقة مع الآخر الغربي والأجنبي في مواضيع حوار الثقافات والقيم الإنسانية مثل التسامح يجب أن ينطلق من المجتمع المحلي ومن المؤسسات الاجتماعية الأساس مثل الأسرة والعمل على قبول الآخر في مختلف أبعاد جهودنا التنموية.
5.  التربية على سائل الإعلام : وتهدف الى إكساب التلاميذ والطلاب حساً نقديا بشأن كل إنتاج إعلامي قد يعترضهم، وكيفية التعامل مع هذه التدفق الهائل من الرسائل الإعلامية يوميا، فضلا عن تشجيعهم على الإنتاج الإعلامي والاتصالي... ولذلك فإن مسألـــة إدماج "الـــتربية على وســـائل الإعــلام" لم يعد أمرا ترفيا بل صار ضرورة ملحة لأنّها وبالدرجة الأساس تكوّن عالم الشباب وتفتح لهم آفاقا واسعة وفضاء رحبا للتجارب الحياتية.
إن الإعلام الجديد، في ظل تحديات العولمة والتحولات الكبرى داخل اليمن وفي العالم، ليس بثاً أحادياً وتلقياً إجبارياً ولكنه تفاعل يختار فيه الناس احتياجاتهم ويشاركون هم في الوقت ذاته في الرأي والبث، إنه إعلام أشبه بمجلس أو ندوة يشارك فيها الجميع على قدم المساواة..  ويؤدي هذا الإعلام المتعدد الوسائط دوراً جديداً غير القراءة والخدمة والتثقيف والتسلية، ولكنه أيضاً وسيلة تعليم وتدريب قد يكون بديلاً أو منافساً قوياً للمدارس والجامعات ومراكز التدريب التي يجب أن تعيد النظر في دورها ووجودها، حيث يمكن الحصول على معظم ما تقدمه بتكاليف لا تقارن في انخفاضها بتكاليف هذه المؤسسات.
وباختصار فإن الإعلام القادم هو مؤسسات جديدة تختلف كثيراً عما عهدناه في وسائل الإعلام التقليدية، إنه ليس إعلام صحفيين وكتاب وقراء، ولكنه مجتمع متفاعل يتبادل فيه الأعضاء خدماتهم ويحصلون على احتياجاتهم الأساسية ويمارسون أعمالهم اليومية، وإذا لم تفكر الصحف ووسائل الإعلام اليمنية في الآفاق والتحديات الجديدة فإنها ستواجه الإعراض والعزوف والخسائر وربما الانقراض والتبخر.

8. الهوامش:




[1]  تقرير التنمية الإنسانية العربي2003م ، في موقع : www.http://nhdr.org/site/publish/arabic.
[2] شون ماكبرايد وآخرون، أصوات متعددة وعالم واحد: الاتصال والمجتمع اليوم وغدا، الشركة الوطنية للنشر، والتوزيع، الجزائر1981م
[3] بيير بورديو، من مداخلة امام المجلس العالمي لمتحف التلفزيون نشرتها صحيفة اللوموند الفرنسية  Le Monde , 14 October     1999,
[4] ريجيس دوبرية، الميديولوجيا الوسائطية وحقها بالاستقلال، مجلة الفكر العربي المعاصر، بيروت، العدد 90-91.
[5] د. عزت حجاب، "وسائل الإعلام والثقافة: رؤيا لدور وسائل الإعلام في تشكيل الثقافة في القرن الحادي والعشرين"، المجلة التونسية لعلوم الاتصال، العدد 32، جويلية / ديسمبر 1997م، معهد الصحافة وعلوم الإخبار، تونس.
[6] يحيى ابوبكر وآخرون، تطوير الاعلام في الدول العربية: الاحتياجات والاولويات، باريس : اليونيسكو، 1983، ص 13. (تقارير في مجال الاتصال رقم 90) 
[7] السياسة الإعلامية للجمهورية اليمنية، وزارة الإعلام، الطبعة الثانية أغسطس 1998م.

[8] الالكسو....مرجع سابق، ص49
[9] السياسة الإعلامية ،مرجع سابق، ص 10
[10] نفس المرجع السابق، ص. 12
[11] نفس المرجع، ص.17
[12] نفسه، ص. 30
[13] قمنا بتحليل مضمون لعينة عشوائية من البرنامج الإذاعي الموجه للمزارعين وعددها  10 حلقات في أوقات متفاوته... وكان تركيز الرسائل الإعلامية فيه على المواضيع ذات العلاقة بالزراعة وشروطها وإن استندت إلى بعض المعارف المحلية والخارجية إلا انها لم تتطرق مطلقا للحياة الاجتاعية في الريف والتحولات الثقافية والمعرفية والاجتماعية التي يعيشها...
[14] مثال على ذلك : الانتاج الدرامي التلفزيوني والإذاعي لا ينشط الا موسميا مرة في السنة لتغطية احتياجات برامج شهر رمضان فقط ويتوجه إلى الجمهور اليمني في الداخل ولم يحدث حتى يوم الناس هذا ان تم انتاج عمل يستهدف الإعلام الخارجي والجمهور العربي باسثناء مسلسل سيف بن ذي يزن الذي خطط له ان يبث في أكثر من قناة عربية ويخاطب بالعربية الفصحى الجمهور العربي الواسع ولكنه نظرا لرداءته الفنية لم يجد منفذا غير القناة الفضائية اليمنية
[15]    تقرير التنمية الإنسانية العربي 2003م ، في موقع : www.http://nhdr.org/site/publish/arabic
[16] د. عبدالله الزلب ، د. عبداللطيف الأدهم، النوع الاجتماعي وتقسيم العمل في وسائل الإعلام اليمنية: دراسة تطبيقية لأربع وسائل، بحث مقدم للمؤتمر الدولي " تحديات الدراسات النسوية في القرن 21"، صنعاء، سبتمبر 1999م
[17] د. عبدالله الزلب وآخرين، النوع الاجتماعي وتقسيم العمل، مرجع سابق، ص. 8
[18] كتاب الإحصاء السنوى 2003م، الجهاز المركزي للإحصاء،، صنعاء، يوليو 2004م، ص. 191
[19] نفس المصدر والصفحة
[20] معهد التدريب والتاهيل الاعلامي، تقرير الإنجاز خلال العامين 2002، 2003م ، صنعاء
[21] حسين باسليم، دليل الإعلام اليمني 2003م، وزارة الإعلام . صنعاء
[22] كتاب الإحصاء السنوي 1999م، الجهاز المركزي للإحصاء.
[23] كتاب الإحصاء السنوى 2003م، مصدر سابق، ص.248
[24] التقرير العام لمسح ميزانية الأسرة 1998م، الجهاز المركزي للإحصاء، صنعاء يونيو 1999م .. ص 176
[25] نفس المرجع السابق والصفحة..
[26] الأحصاء السنوي لعام 2003م، مرجع سابق، ص. 256
[27] د. كريم ابوحلاوة ، "الآثار الثقافية للعولمة: حظوظ الخصوصيات الثقافية في بناء عولمة بديلة"، مجلة عالم الفكر، المجلد 24، العدد 3، مارس- مارس 2001م المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب- الكويت، ص. 180
[28] مثال ذلك إنتاج مؤسسة الإذاعة والتلفزيون العام 2003م لمسلسل سيف بن ذي يزن التلفزيون بميزانية هي الأكير في تاريخ الإنتاج اليمني المحلي تجاوزت مليون ثلاثمائة دولار في إطار محاولات الإعلام الرسمي للدفاع عن الهوية والحضارة اليمنية العريقة في مواجهة العولمة الثقافية...
[29] القناة الفضائية قامت خلال دورتها البرامجية بداية العام 2004 ، ببث برنامج علمي للإعلامي المصري مصطفى محمود سجل في السبعينات ويتحدث عن مواضيع علمية ومعارف تجاوزها الزمن واصبحت من الماضي وشاهدها الجمهور عبر اكثر من قناة... كما ان معظم المواد التلفزيونية ذات الطابع العلمي التي تقدم في القناتين قديمة... 
[30]   في بداية العام 2000م تم تسجيل حلقات لبرنامج تلفزيوني من اعداد كل من (على العطاب و سليمان السحاري مخصص لنشر وترويج الانتاج المعرفي العلمي من الدراسات والبحوث اليمنية في إطار أطروحات الدكتوراه  والماجستير وغيرها... وكنت مشاركا باحد هذه البحوث .. ولكن ذلك البرنامج لم يرى النور حتى يوم الناس هذا؟

[31] مثال لذلك : اغتيال جارالله احد القيادات السياسية المعارضة البارز في الحزب الاشتراكي اليمني. وقتل ثلاثة من الاطباء الامريكيين العاملين في مستشفي جبلة رغم وجودهم في المنطقة منذ عشرات السنين... وأخيرا بروز جماعة " الشباب المؤمن" التي يقودها حسين الحوثي في مناطق صعدة والشعار المعادي للولايات المتحدة وإسرائيل الذي كان الشباب يرفعونه في المساجد والذي تطور إلى تمرد على الدولة ومواجهة مسلحة وفتنة دامية...

[32] دراسة الحالة هذه مأخوذة من دراسة للباحث أجريت لصالح المجالس الوطني للسكان في إطار تقييم أنشطة الاتصال والإعلام السكاني، أنطر: د. عبدالله الزلب، تحليل مضمون الخطاب الإعلامي حول قضايا السكان
أكتوبر 1999-مارس 2000م، المجلس الوطني للسكان، 2001م

[33] NPC- KAP study on MCH/FP services in Yemen , SOUL-1999, page 327

[34] د. عبدالله الزلب، تحليل مضمون الخطاب الإعلامي، مرجع سابق، ص 14
 [35] مطهر زبارة ، المشاريع ذات العلاقة بالإعلام والإتصال والتثقيف السكاني، المجلس الوطني للسكان ، صنعاء 2001م
[36] وزارة الإعلام  ، الإدارة العامة للدراسات والبحوث والترجمة، نتائج استطلاع الرأي العام عن مستوى صحافتنا المحلية . صنعاء 2004م
[37] نفس المصدر السابق
[38] محمد عبدالوهاب الفقيه، الدور السياسي للتلفزيون اليمني، دراسة في ترتيب الأولويات، رسالة ماجستير منشورة، القاهرة ، كلية الإعلام 1997م، ص.128
[39] د. عبدالرحمن الشامي (عصر الفضائيات: دراسة في القنوات التلفزيونية الدولية، القاهرة يونيو 2002م)، ص.182
[40]   د. محمد الحوثي ، د. محمد عبدالجبار سلام " المشكلة السكانية وتأثيراتها في اليمن: دور وسائل الاتصال  في التوعية بها " ،  UNIFM، صنعاء 1999.
[41] نفس المرجع، ص.. 186
[42] محمد الفقيه، مرجع سابق، ص.130
[43] نفس المرجع والصفحة
[44]  يوسف سلمان سعد: استخدامات الجمهر اليمني لوسائل الإعلام أثناء الحملات الانتخابية ...... ص.  199
[45] د. الشامي، مرجع سابق، ص. 193
[46] نفس المرجع ،ص. 197  
[47]  يوسف سلمان سعد، مرجع سابق، ص. 208
[48] الشامي، ص.197
[49] نفسه ، ص 246
[50] نفسة، ص. 248
[51] المصدر: المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون،  المضمون النظري والتطبيق العملي لبحوث وآراء المشاهدين والمستمعين في المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون ، صنعاء يونيو 2003م، ص. 29- 43
[52] المرجع السابق، ص. 41
[53] نفس المرجع ، ص. 59-66
[54] نفس المرجع، ص. 79