الثلاثاء، 3 مايو 2011

اطفال القات



أطفال القات....
د. عبدالله علي الزلب

يعرفون في بعض مناطق زراعة القات "بالمبزغين" ويدعوهم البعض "بالمقطلين" وينعتهم آخرون بفئران القات. إنهم أطفال في عمر الزهور تتراوح أعمارهم بين التاسعة والرابعة عشر عاما ولكن القدر أو المجتمع الذي ينتمون إليه قرر اغتيال طفولتهم وسخرهم لخدمة كيف كبارهم اليومي ، القات..  
إن ظاهرة عمالة الأطفال في قطف القات التي بدأت تنتشر في الكثير من مناطق زراعة القات تثير القلق وتطرح أسئلة عديدة حول ما يمكن أن يترتب عنها من آثار سلبية تهدد حياة الأطفال صحيا واجتماعيا وثقافيا وبالتالي عن ما يواجهه المجتمع اليمني حاضرا ومستقبلا من مخاطر وتحديات في طريق التنمية والتطوير.. ورغم عدم وجود إحصائيات دقيقة لحجم عمالة الأطفال في هذا المجال إلا أن المسألة لا تحتاج إلى أرقام ومؤشرات كمية لكي نصحو من غفلتنا وندرك الخطر الذي لا يتهدد أطفال اليوم وحسب وإنما يهدد مستقبل اليمن باعتبارهم رجاله الذين سيتحملون مسؤولية البناء والتطوير والحماية... فهؤلاء الأطفال، سواء كانوا مستهلكين للقات أم من عماله لن يكونوا بمأمن من الأضرار التي تصيبهم في الحاضر وتهدد مستقبلهم لأن ذلك العمل المضني في مزارع القات أو ذلك الوقت الضائع في التخزين غالبا ما يكون على حساب طفولتهم وتحصيلهم الدراسي وصحة أبدانهم وعقولهم وتنشئتهم الاجتماعية السوية.. وبالنتيجة يخسر الوطن الكثير من طاقاته البشرية وعقوله المبدعة حاضرا ومستقبلا... فماذا ننتظر مستقبلا من طفل عاش وترعرع بين أغصان القات وترابه ...؟ وماذا يمكن أن يعطيه طفل لم يتعلم سوى مهارات قطف الأوراق القاتية ولم يكتسب من ثقافتها سوى الحرمان والتجهيل والمرض..؟
قد يثير هذا الطرح استغراب الأكثرية وربما سخرية الأقلية من أولياء الأمور الذين تأخذهم العزة بالإثم إزاء مثل هذه المواضيع فينبرون يقدمون التبريرات والحجج الواهية التي تدفعهم إلى السماح لأطفالهم بالتخزين أو استغلالهم في العمل ..   
ومهما كانت المبررات والدوافع المطروحة لعمل الأطفال في زراعة القات وتجارته أو استهلاكه، إلا أنها بقدر ما تدعو للقلق على مستقبل اليمن – الأطفال – بقدر ما تثير الاستغراب وتشير إلى الأنانية المفرطة واللامبالاة التي يتعامل بها بعض أولياء الأمور من المخزنين إزاء أطفالهم ومستقبلهم...  
إن حقوق أطفال القات في بلادنا تستحق وقفة جادة من أولياء الأمور والمختصين والمؤسسات المعنية بحماية الطفولة من الاستغلال واللامبالاة السائدة في سلوك الكثير من المزارعين وأولياء الأمور . فالمسألة تتعلق بمستقبل اليمن وبحقوق أولئك الأطفال الذين لا يملكون بعد حرية اتخاذ القرار لتحديد مصيرهم والتخطيط لمستقبلهم.. إننا إذا لزمنا الصمت إزاء موضوع كهذا فإننا نساهم في اغتيال طفولة أعداد كبيرة من أبناء اليمن - مع سبق الإصرار والترصد- وبالتالي نساهم في تكريس التخلف. ومن يقلل من أهمية هذا الموضوع أو يعتقد ،مخطئا، بأن في هذا الطرح شيئ من المبالغة فإنه لا يعبث بمستقبل أطفاله وحسب بل لايبالي بمستقبل اليمن كله وينظر إٍلى ما حوله من "خرم الباب" فلا يرى سوى ما يريد رؤيته ويرضي أنانيته..